إنها الذكرى العشرون لزلزال اسطنبول الذي اعتبر حدثاً فارقاً في تركيا ككل وفي إسطنبول بشكل خاص، ولكن خلال العقدين المنصرمين عاشت البلاد حالة مثالية من اليقظة تجاه الكوارث الطبيعية وطريقة تفاديها، وخاصة في ميدان العقارات، والذي انتقل من قطاع عادي من قطاعات الاقتصاد التركي تشوبه الكثير من المخالفات والأخطاء، إلى واحد من أبرز القطاعات الاستثمارية في البلاد، وعلامة فارقة من علامات التميز في تركيا الحديثة.

تركيا تحيي الذكرى العشرين لزلزال اسطنبول

يُصادف اليوم الذكرى العشرين للحدث الأبرز في القرن الماضي في اسطنبول، وتركيا بشكل عام، حيث استفاقت إسطنبول في فجر اليوم السابع عشر من شهر آب/ أغسطس في عام 1999 على كارثة حقيقية دامت لـ37 ثانية فقط لكنها كانت كفيلة بإحداث مأساة راح ضحيتها الآلاف.

وقد عُدّت هذه الذكرى بمثابة حدث سنوي يعيد إلى الذاكرة أهمية مواجهة الأخطاء وخاصة على الصعيد العقاري ومخالفات البناء والغش الذي كان سائداً آنذاك، والبناء العشوائي، إذ قامت الحكومات التركية المتعاقبة وبالأخص حكومة العدالة والتنمية منذ عام 2002 باتخاذ تدابير من شأنها مواجهة التجاوزات في مسائل البناء وفرض إجراءات صارمة فيما يخص الأبنية ومقاومة الزلازل والكوارث الطبيعية.

كما قام أئمة العديد من مساجد إسطنبول في خطبة الجمعة بالأمس وإحياءً لذكرى زلزال اسطنبول المؤسفة بتوجيه الناس إلى ضرورة اتخاذ التدابير القانونية لترخيص الأبنية وعدم التهاون في البناء في المناطق المهددة بالزلازل، وكذلك بهدم العشوائيات واعتماد طرق سليمة للبناء مقاومة للزلازل والكوارث الطبيعية.

ماذا تعرف عن زلزال اسطنبول  

حدث زلزال اسطنبول فجر يوم السابع عشر من آب/ أغسطس 1991 في تمام الساعة 3:02 فجراً ودام لمدة 37 ثانية ، بقوة 7.6 درجة على مقياس ريختر.

وقد خلّفت هذه المأساة في إسطنبول آنذاك حوالي 17 ألف ضحية وأكثر من نصف مليون تركي باتوا بعد زلزال اسطنبول مباشرة بدون مأوى.

وقد تم اعتبار عدة مناطق على جانبي بحر مرمرة الذي عُرف الزلزال باسمه "زلزال مرمرة" بأنها مناطق منكوبة وخاصة كوجالي وإزميت بالقرب من إسطنبول.

وأما في إسطنبول فقد كانت الضربة الأقسى لحي أفجلار الذي تم شهد دماراً مؤسفاً، اضطر بعدها السكان إلى النزوح إلى مناطق ريفية أكثر أمناً وأبعد عن الخطر

وهنا كانت المفارقة العجيبة .. عندما تحولت المناطق الريفية التي انتقل إليها السكان وخاصة بيليك دوزو إلى نقطة انطلاق لثورة عمرانية جديدة ونهضة بكل معنى الكلمة في هذا الميدان لمعالجة الخلل الذي أحدثه زلزال اسطنبول ولتجنب أي كوارث متوقعة لاحقاً.

عقارات اسطنبول بعد عقدين من الزلزال

ثورة عمرانية حقيقية في إسطنبول

مبيعات العقارات في إسطنبول شهدت ارتفاعاً واضحاً خلال الأعوام الماضية ووصت إلى أرقام قياسية حيث تم بيع أكثر من 234 ألف منزل في إسطنبول خلال العام الماضي 2018، منها أكثر من 111 ألف منزل جديد في إسطنبول.

وحتى بالعودة إلى إحصائيات النصف الأول من عام 2019، فقد بلغ مجموع المبيعات العقارية في المدينة أكثر من 91 ألف منزل، منها حوالي 40 ألف منزل جديد في إسطنبول

هذا الأمر يعكس ثورة عمرانية حقيقية في إسطنبول، تزامناً مع تطوير البنية التحتية في المدينة وبناء المزيد من البنى المتطورة، كمطار إسطنبول الذي تم تشغيله قبل أشهر وجاري إعداده ليكون أكبر مطار في أوربا بحلول عام 2023، وقناة اسطنبول الجديدة التي ستشكل لوحدها نقلة نوعية في عالم العقارات في إسطنبول

وكذلك تتنافس في المدينة كبرى شركات البناء لإنشاء المجمعات السكنية الحديثة ذات المواصفات المثالية وبضمانات حكومية ووفق مقاييس ومعايير هندسية جاذبة وبإجراءات مقاومة للزلازل والكوارث الطبيعية.

اطلع على عقارات إسطنبول المميزة

إقبال أجنبي كبير على شراء العقارات في إسطنبول

من مقاييس النجاح في عالم الاستثمار العقاري في تركيا هو عدد العقارات المباعة للأجانب، حيث يمثّل الإقبال الأجنبي على شراء العقارات في تركيا واحداً من أهم علامات الاطمئنان والراحة تجاه فكرة السكن في اسطنبول.

فقد بلغت مبيعات العقارات في تركيا للأجانب في عام 2018 حوالي 40 ألف عقار منها أكثر من 14 ألف عقار في إسطنبول لوحدها، أي أنّ المدينة استحوذت على 35% من نسبة الأجانب الذين تملكوا العقارات في تركيا، وتعتبر نسبة مرتفعة جداً.

وكذلك بالإطلاع على إحصائيات النصف الأول من عام 2019، فقد كان عدد العقارات في اسطنبول المباعة للأجانب حوالي 9 آلاف عقاراً، من أصل 20 ألف عقار في تركيا تم نقل ملكيتها للأجانب، أي بنسبة حوالي 45% تقريباً.

ومن المتوقع أن تشهد إسطنبول حتى نهاية عام 2019 بيع حوالي 25 ألف عقار في إسطنبول للأجانب.

إنّ الإقبال الأجنبي يعكس مدى الثقة بعقارات إسطنبول وانعدام المخاوف من الطوارئ التي قد تحصل، وكذلك عدم الاكتراث للإشاعات التي تطال إسطنبول بين الحين والآخر.

ارتفاع فرص الاستثمار العقاري في إسطنبول

تحولت إسطنبول إلى واحدة من أهم مناطق الجذب للمستثمرين العقاريين، وخاصة بعد التنافس الكبير بين شركات المقاولات التركية، الذي صنع مجالاً واسعاً للعروض المميزة.

كذلك ساهمت هجرة مئات الآلاف من الدول العربية على خلفية الأحداث الأخيرة في سورية وليبيا واليمن ومصر والعراق إلى نشوء سوق استهلاكية عربية واسعة للعقارات في إسطنبول، على صعيدي السكن والاستثمار العقاري.

وكذلك ساهمت الهجرة العربية إلى إسطنبول لنشوء شركات عقارية مهدت وسهلت الكثير أمام المستثمرين العقاريين، وصارت تقدم خدماتها تشجيعاً وتحفيزاً للاستثمار العقاري في تركيا، وفي ريادة هذه الشركات شركة الفنار العقارية التي تعد من أهم الشركات العقارية في إسطنبول وأكثرها خدماتٍ وشموليةً وخبرةً.

خطط التحول الحضري في تركيا

من أكثر الخطط المقاومة للكوارث الطبيعية والساعية لتطوير وتحسين قطاع العقارات في تركيا هي خطط التحول الحضري في تركيا، والتي نالت إسطنبول قسماً كبيراً منها.

تخطط تركيا كمرحلة أولى لإعادة تأهيل أكثر من 7.5 مليون منزل مهدد أو غير خاضع لشروط البناء الحديثة، واستبدالها بوحدات سكنية ومجمعات حديثة، ذات خدمات عالية الجودة.

في مراحل قادمة تطمح تركيا لإعادة تأهيل نحو 18 مليون وحدة سكنية مخالفة واستبدالها بأبنية حديثة مقاومة للزلازل.

في إسطنبول شهدت منطقة أرنافوتكوي أكبر المشاريع الحضرية الجديدة، وكذلك منطقة بيليك دوزو، ومنطقة باسن اكسبريس، واسبارتاكولا وغيرها من المناطق التي كانت تعد مناطق ريفية قبل عقدين من الزمن.

كذلك منطقة أفجلار التي شهدت الزلزال باتت اليوم من أفضل المناطق السكنية وصارت تحوي العديد من المجمعات السكنية الحديثة والمميزة وبمواصفات مثالية، بل تعتبر اليوم أحد أهم وأفضل الوجهات السكنية للعائلات.

أيضاً توجد بعض الأحياء القديمة في منطقتي الفاتح وأيوب شملتها خطط التحول الحضري في الفترة الماضية، وتتربع أسنيورت على صدارة أهم المناطق الموعودة بنهضة عمرانية حديثة.

وكذلك في القسم الآسيوي وبالذات في اسكودار باتت من المناطق المشهورة بمجمعاتها السكنية الحديثة.

تأمين العقارات في تركيا ضد الزلازل

تطبق تركيا منذ حادثة الزلزال قوانين صارمة انتهت بمنع ترخيص أي بناء جديد في تركيا مالم يكن مؤمناً ضد الزلازل والكوارث الطبيعية.

تشرف على تأمين المنازل في تركيا ضد الزلازل مؤسسة تأمين الآفات الطبيعية والمعروفة اختصاراً بـ DASK وتتبع المؤسسة لوزارة المالية في تركيا، ومدة التأمين ضد الزلازل سنة واحدة يتم تجديدها سنوياً من قبل مالك المنزل.

كما تُحرم المنازل الحديثة غير المؤمنة ضد الزلازل من توصيل الكهرباء والماء والغاز، إذ تعتبر وثيقة الـDASK ضرورية وإلزامية لتمديدها.

ويشمل تأمين DASK جميع النتائج الكارثية عن الزلازل أو الحرائق أو الفيضانات، وتقدّم مؤسسة تأمين الآفات الطبيعية DASK تعويضات مالية للمتضريين من الكوارث الطبيعية والزلازل في تركيا.

يغطي تأمين DASK الأقسام الرئيسية في المنزل كالأساسات والجدران (الرئيسية والفاصلة والاستنادية) وكذلك السقف والأرضية، والأدراج ومصاعد الكهرباء

الفائدة من تأمين المنازل ضد الزلازل في تركيا

  • حماية العقارات والمنازل والمنشآت الصناعية والمكتبية من الزلازل والكوارث وأخطارها وتخفيف الأضرار المتوقعة، من خلال فرض مواصفات معينة ينبغي تحقيقها في البناء لينال التأمين ضد الزلازل.
  • التخفيف من النفقات التي يتم إنفاقها بعد الزلازل، من خلال إنشاء صندوق للأضرار، من أهدافه تخفيف النفقات على الدولة التركية والسكان بعد الكوارث.
  • المساهمة في بناء تركيا كدولة ذات أبنية سليمة ومقاومة للكوارث وآمنة.
  • زيادة وعي السكان تجاه التأمينات وضرورة التأمين.

عقدان مضيا لتتحول إسطنبول خلالهما إلى أقوى بكثير مما مضى، وتتحول عقارات إسطنبول التي هرب منها سكانها الأصليون قبل عشرين سنة إلى ملاذ آمن لعشرات الآلاف من المشترين سنوياً، وكأنّ إسطنبول صدق فيها المثل القائل: إنّ الضربة التي لا تقصم ظهرك، تقوّيك، وبالفعل هذا ما حصل للعقارات في إسطنبول.