تعتبر السياحة في تركيا من أعمدة الاقتصاد التركي ومقوماته، ومن أهم ملامح الجذب للاستثمارات الأجنبية، لذلك تسعى تركيا جاهدة منذ عقدين من الزمن للظهور كأبرز وجه سياحي مرغوب في المنطقة، للعرب والأجانب، وحتى مع اجتياح وباء كورونا للعالم في العام الماضي واستمرار ارتدادته في هذا العام، كان لتركيا بصمة واضحة في محاولة تحييد السياحة عن تأثيرات الوباء قدر الممكن.

الموسم السياحي في تركيا سيبدأ مع بداية الصيف بشكل واضح، وحتى ذلك الوقت ... ماذا أعدت تركيا لحماية قطاع السياحة من خطر كورونا؟

اقرؤوا هذا المقال للتعرف على تفاصيل ذلك

متى يبدأ موسم السياحة في تركيا هذا العام

أبواب تركيا مفتوحة على مدار السنة للسياح الداخليين والخارجيين، ولكل فصل من فصول السنة مقوماته الخاصة للسياحة، ولكن الموسم الحقيقي للسياحة "أي الذروة" هو فصل الصيف

لأنه فصل الإجازات والعطل العائلية، ويمكن لأغلب الناس القيام برحلات سياحية وجولات متنوعة، لمدة طويلة نسبياً، وزيارة المرافق الحيوية والسياحية، والقيام بالكثير من الأنشطة السياحية وقضاء أمتع الأوقات.

سنوياً .. ما بين الشهر الخامس والتاسع من كل عام تتجهز المنتجعات السياحية في تركيا لاستقبال تدفق السياح الأجانب إليها، وتتحضر لتغطية كافة احتياجاتهم ومستلزمات الاستمتاع بعطلتهم السياحية.

التحديات التي تفرضها كورونا على السياحة

لقد عانى القطاع السياحي في تركيا مثل أي بلد آخر من ارتدادات تأثير فيروس كورونا، حيث زادت الإجراءات الوقائية، كما انخفضت قابلية الكثير من الناس للسفر خوفاً من الوباء، طبعاً ذلك في بدايات انتشاره، ولكن لم تدم هذه الحالة طويلاً إذ أنّ الموسم السياحي الماضي بدأ في موعده في تركيا تحت إطار تدابير "السياحة الآمنة في تركيا".

من التحديات التي فرضها انتشار فيروس كورونا أمام القطاع السياحي:

  • زيادة الإجراءات والتدابير اللازمة للسفر والحصول على حجز الطيران، خاصة أنّ القيام بفحص PCR الخاص بكورونا والحصول على نتيجة سلبية أصبح شرطاً إلزامياً لكل أجنبي راغب بالسفر إلى تركيا
  • وجود أيام وساعات مخصصة لحظر التجول في تركيا، وإن كان السياح مستثنون منها، ولكن يبقى تقييد الحركة والإجراءات المتبعة في هذه الأوقات مزعجة بالنسبة للسائح القادم إلى تركيا للاستمتاع بجولته وتغيير الجو.
  • انخفاض عدد رحلات الطيران بشكل كبير في بداية انتشار الفيروس في العام الماضي، ولا زال القطاع الجوي متأثراً نوعاً ما بهذا الوباء.
  • التأثير على الحجوزات الفندقية ومكاتب الرحلات السياحية، وجميع النشاطات الاقتصادية ذات الصلة المباشرة بالسياحة في تركيا.
  • إنّ إجراءات التباعد الاجتماعي تعيق الحصول على فرصة لرحلات سياحية كبيرة بشكل جماعي.

 

الإجراءات التركية لإنجاح السياحة في البلاد

تعتبر تركيا من الدول التي انتبهت باكراً لأهمية تحييد السياحة قدر الإمكان عن الإجراءات المتبعة لمكافحة فيروس كورونا، فقام بالكثير من الإجراءات التي ساعدت على الحرص على سلامة الصحة العامة، وكذلك فتح المجال لاستثناءات خاصة بالسياح الأجانب، وتتلخص الإجراءات لإنجاح السياحة في تركيا خلال فترة انتشار كورونا بالنقاط التالية:

  • فرض إجراء فحص PCR لجميع المسافرين إلى تركيا قبل 72 ساعة كحد أعلى كشرط للحصول على حجز الطيران
  • إلزام المسافرين إلى تركيا بملء استمارة الدخول، وبذلك يحصل المسافر على كود صحي يمكن من خلاله متابعة حالته الصحية فيما يخص الإصابة بفيروس كورونا، أو مخالطته للمصابين، وسهولة التواصل معه في أي حالة من هذا النوع.
  • اشتراط وجود كود صحي ساري الصلاحية أثناء دخول الدوائر الرسمية في تركيا أو المولات التجارية والمقاهي والمطاعم والكثير من المناطق التي يقوم بزيارتها السياح، وحتى مواصلات النقل الداخلي، هذا الأمر الذي وفر جواً مناسباً للسياحة الآمنة
  • فرض شروط صارمة فيما يخص معايير السلامة الصحية ومكافحة فيروس كورونا على الفنادق والمنتجعات السياحية.
  • استثناء السياح العرب والأجانب في تركيا من إجراءات حظر التجول والإغلاق اليومي أو الأسبوعي في أي ولاية من الولايات التركية
  • بدأت تركيا بالكثير من التدابير والجهود الحثيثة لاستعادة الأجواء السياحية ما قبل كورونا، من خلال عقد مباحثات بين وزارة الثقافة والسياحة في تركيا مع 70 دولة، منها ألمانيا وبريطانيا، واليابان والتشيك، وروسيا، وتهدف من وراء ذلك إلى زيادة جذب السياح الأجانب وتشجيعهم.
  • استعاد قطاع السياحة العلاجية نشاطه باكراً منذ صيف 2020، وتكلل هذا الإنجاز بافتتاح المدينة الطبية في باشاك شهير.

دور السياحة في الاقتصاد التركي

تلعب السياحة في تركيا دوراً بارزاً في اقتصاد البلاد، وتصنف كمورد رئيسي من موارد الدخل للميزانية التركية، وهو الأمر الذي دفع تركيا إلى التنبه باكراً إلى أهمية سلامة القطاع السياحي في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العالم أجمع وليس تركيا وحدها.

فقد أفادت الإحصائيات التركية بتراجع كبير في أعداد السياح الأجانب في عام 2020 إلى حدود 16 مليون سائح أجنبي، بمقابل توقعات بزيادة عدد السياح الأجانب في 2021 إلى نحو 34 مليون سائح، ويذكر أنّ السياح الأجانب يشكلون حوالي 80% من مردودات السياحة في تركيا بموازاة 20% فقط تأتي من إنفاق السياح المحليين.

لذلك تتضح الحاجة الملحة التي يبديها الاقتصاد التركي لتعافي القطاع السياحي وتحرك عجلته بصورة نظامية ودون عوائق، لا سيما أنّ تركيا هي ثامن دولة عالمياً من ناحية الجاذبية للسياح الأجانب، وهي تمثل القطاع الأبرز في تحقيق مردودات مباشرة وسريعة للخزينة التركية.

كما يرتبط القطاع السياحي بالكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى، ويؤثر فيها فأغلب الاستثمارات الأجنبية هي نتاج إقبال سابق للسياح الأجانب، وكذلك العمل والدراسة والتجارة، والتملك العقاري، وغيرها من القطاعات الاقتصادية

وكوننا نتكلم في مدونتنا بشكل رئيسي عن العقارات في تركيا، فسندرس الترابط بين كل من السياحة والقطاع العقاري في تركيا في الفقرة القادمة من هذا المقال.

الترابط بين السياحة والاستثمار العقاري في تركيا

يعتمد القطاع العقاري على السياحة في تركيا من عدة نواحٍ، خاصة من ناحية وجود المشترين الأجانب، وإطلاعهم عن قرب على سوق العقارات في تركيا، والتعرف على تفاصيل التملك العقاري بشكل دقيق.

لذلك إنّ زيادة نسبة السياح تؤدي بشكل تلقائي إلى زيادة عدد المبيعات العقارية للأجانب في تركيا، حيث يتناسب هذا الخطان مع بعضهما طرداً، ولقد لاحظنا ذلك جليّاً في فترة انتشار فيروس كورونا في تركيا، وحتى قبل عام 2020 فقد راجت بشكل كبير فكرة "السياحة العقارية" لا سيما بعد التسهيلات المقدمة للأجانب للحصول على الإقامة العقارية في تركيا أو الحصول على الجنسية التركية مقابل التملك العقاري بقيمة 250 ألف دولار على الأقل.

ويمكننا تعريف السياحة العقارية بأنها:

عملية شراء السائح للعقارات "السكنية أو التجارية" في غير بلده الأم، والقيام باستثمارها والانتفاع من المردودات الشهرية والسنوية منها.

وقد يستخدم السائح منزله للاستثمار في الفترات التي لا يتواجد فيها في تركيا، كتأجيره، وعند قيامه بزيارة تركيا في الموسم السياحي يقضي رحلته السياحية مقيماً في منزله.

وقد ساعدت تكاليف السياحة المنخفضة في تركيا، والأسعار العقارية المنخفضة نسبياً قياساً بالعقارات الأوروبية والأمريكية، على انتشار ورواج فكرة السياحة العقارية بشكل كبير خلال السنوات الماضية.

ويعتقد أنّ السياحة العقارية ستستمر في تركيا خلال الفترة القادمة بعد التسهيلات المقدمة من قبل تركيا للسياح، وخاصة فيما يتعلق باستثنائهم من كثير من الإجراءات الخاصة بكورونا، وكذلك استمرار رحلات الطيران من وإلى تركيا بشكل طبيعي، مع وجود إجراءات صارمة للحفاظ على السلامة العامة والصحة، ومنع انتشار الفيروس بين أوساط المسافرين.

 

كنا معكم في جولة مفصلة حول التحديات التي تواجه السياحة في تركيا خلال هذه الفترة وما يتعلق بها من تفاصيل وإجراءات ومعلومات حول الخطط التركية لإنجاح الموسم السياحي القادم، ومدى الترابط بين السياحة وعدة قطاعات اقتصادية في تركيا وخاصة العقارات.

الفنار العقارية في تركيا

رؤية عقارية مميزة