التجارة بين مصر وتركيا تعتبر من الأمور التي تحظى بمتابعة واهتمام المستثمرين من كلا البلدين وسائر رجال الأعمال العرب، لذلك أرادت الفنار أن يكون هذا المقال دليلاً تعريفياً بأهم ملامح قطاع التبادل التجاري بين كل من هذين البلدين المهمين، وحجم التجارة، والاتفاقيات بين البلدين.

تفاصيل مهمة، ومعلومات على قدر عالٍ من القيمة ... نتمنى لكم قراءة ممتعة.

التجارة بين مصر وتركيا ـ قراءة عامة

قدمت كل من تركيا ومصر مثالياً غير معتاد في دول الشرق الأوسط، والمنطقة بشكل عام، حيث رافقت الخلافات السياسية الخارجية بين كل من البلدين على غير العادة تنامي العلاقات الاقتصادية، وزيادة الانفتاح في مجالي الاستيراد والتصدير بينهما، بعيداً عن اختلاف المواقف الرسمية السياسية.

تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين

كانت العلاقات بين تركيا ومصر قبل عقدين من الزمن عبارة عن علاقات طبيعية كأي بلدين آخرين، شابتها بعض الخلافات السياسية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولكن بدأت العلاقات "وخاصة الاقتصادية" تأخذ منحىً إيجابياً متصاعداً منذ عام 2005 تقريباً.

· وقعت تركيا مع مصر اتفاقية التجارة الحرة في نهاية عام 2005

· انضم كلا البلدين بصفة "عضوية دائمة" في منظمة الاتحاد من أجل المتوسط

· أكبر مشروع مشترك بين البلدين هي "صفقة الغاز الطبيعي" التي وقعت في عام 2008

· لا زالت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تتحسن بالاتجاه الإيجابي على الرغم من كثير من الأزمات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين.

تحديات التجارة بين مصر وتركيا

يرى الكثير من المتابعين والمحللين الاقتصاديين أنّ ميدان التجارة بين تركيا ومصر أمامه بعض التحديات المهمة، والتي تتلخص بما يلي:

· على الرغم من عدم تأثير الخلاف السياسي على استمرار التبادل التجاري بين البلدين، ولكن سبب هذا الخلاف فتوراً من ناحية توقيع الاتفاقيات المشتركة.

· تعاني الصادرات التركية إلى مصر من محاولات من قبل بعض رجال الأعمال في مصر لتخفيف الاعتماد عليها، بحجة "الخوف من إغراق السوق المصري في تركيا".

· كذلك من أكبر التحديات الحالية، هي أزمة كورونا وما سببته من توقف الكثير من الأنشطة التجارية العالمية والإقليمية.

ميزان التبادل التجاري بين مصر وتركيا

تعتبر مصر ثاني أكبر دولة عربية تصدر منتجاتها إلى تركيا، وثالث أكبر دولة عربية تستورد من تركيا، وتعتبر هذه المرتبة من العلامات المميزة للعلاقة التجارية بين البلدين.

الصادرات التركية إلى مصر

أبرز المواد والمنتجات التي تصدرها تركيا إلى مصر تتمثل في:

· المنتجات والمواد الكيميائية

· المواد البلاستيكية

· المطاط

· منتجات النسيج

· الملابس الجاهزة

· المعادن والذهب

· الزيوت البترولية

· الماكينات

· المنتجات الزجاجية، والزجاج الخام

· الغذائيات

· المنتجات الزراعية

الواردات إلى تركيا من مصر

من أبرز ما تستورده تركيا من مصر:

· المنتجات والمواد البترولية

· المعادن ومنتجاتها الصناعية

· المنسوجات والملابس

· المعدات والآلات الكهربائية

· الكيميائيات

· المواد البلاستيكية والمطاط

· السيارات والمحركات

· الورق

· المواد الغذائية

· المواد الزراعية

· الذهب ومنتوجات الحلي.

ميزان التبادل التجاري بين البلدين 2020

وفقاً لإحصائيات معهد الإحصاء الوطني في تركيا فقد بلغت قيمة الواردات التركية من مصر خلال عام 2020 إلى نحو مليار و722 مليار دولار أمريكي.

بينما بلغت الصادرات التركية إلى مصر حوالي 3 مليار 134 مليون دولار أمريكي في العام نفسه.

وبذلك يكون ميزان التبادل التجاري لصالح الصادرات التركية إلى مصر، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 4 مليار 856 مليون دولار أمريكي.

اتفاقية الشراكة التركية المصرية

وتعرف أيضاً باسم "اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا" وقد تم توقيع الاتفاقية في نهاية 2005، ودخل الاتفاق حيّز التنفيذ بشكل رسمي بعد انتهاء الإجراءات القانونية والتحضيرية في بداية شهر مارس من عام 2007، وتهدف إلى إقامة منطقة للتجارة الحرة بين البلدين خلال 12 عاماً، تنسيقاً مع عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية، ومبادئ منظمة التجارة العالمية.

أهداف الاتفاقية

· تعزيز التعاون الاقتصادي بين تركيا ومصر، وزيادته، بهدف رفع المستوى المعيشي لشعبيهما.

· التخلص من القيود المعيقة لتجارة السلع، وخاصة الزراعية منها.

· زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين

· توفير الظروف المناسبة للتنافس التجاري بين البلدين

· تشجيع الاستثمارات بين البلدين، وتهيئة الظروف المناسبة لزيادتها

· تنمية النشاط التجاري، والتعاون الاقتصادي بين كل من تركيا ومصر في الأسواق التجاري لدول ثالثة.

ملخص الاتفاقية التجارية

يمكن تلخيص بنود اتفاق التجارة الحرة بين تركيا ومصر بالنقاط التالية:

· إلغاء القيود والرسوم غير الجمركية، وتعهد الدولتين بعدم فرض رسوم جديدة غير جمركية.

· أن تكون إجراءات السلامة الصحية للمواد والسلع الغذائية متوافقة مع الإجراءات المنصوص عليها باتفاقيتي "الجات" و"منظمة التجارة الدولية"

· أن تكون الأحكام والإجراءات الخاصة بالتحويلات المالية المتعلقة بالاستثمار والتجارة بين البلدين تتوافق مع الأنظمة والقوانين الناظمة للتحويلات المالية في كلا البلدين.

· حماية الملكيات الفكرية لمنتجات البلدين وتشجيع الاستثمارات بينهما

· زيادة تحرير التبادل التجاري الخاص بسلع المواد والصناعات الزراعية، واستمرار المفاوضات التجارية بين البلدين، من خلال اجتماعات سنوية للجنة المشتركة بين تركيا ومصر.

مزايا الاتفاقية

حققت اتفاقية التجارة بين مصر وتركيا الكثير من المزايا في مجالات عدة، سنلخصها أهم هذه المزايا في الفقرات التالية:

المجالات الاستثمارية

حققت الاتفاقية زيادة الثقة المتبادلة ما بين المستثمرين الأتراك والمصريين، وتشجيع كل منهما لتوجيه استثماراتهم نحو البلد الآخر وتنفيذ مشاريع مشتركة.

كما استفادت تركيا من الاتفاقيات التجارية التي وقعتها مصر مع الدول العربية والإفريقية، وأصبحت مصر تجارياً بالنسبة لتركيا قاعدة للانطلاق إلى الأسواق العربية شمال إفريقيا.

كما استفادت مصر من الاتفاقية التجارية مع تركيا في الدخول إلى أسواق الاتحاد السوفييتي "سابقاً" وتحفيز المستثمرين الأوروبيين للاستثمار في مصر.

حماية الصناعات المحلية الناشئة

وفرت اتفاقية التجارة بين مصر وتركيا الضمانات اللازمة لحماية الصناعات الوطنية في كلا البلدين، وتخفيض الرسوم الجمركية على السلع الجديدة، ما ساهم في تسهيل تصديرها بين البلدين وكذلك منهما إلى أسواق عالمية أخرى.

تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية

حققت الاتفاقية فرصة لتخفيضات كبيرة في الرسوم الجمركية للمنتجات الصناعية، والضرائب المفروضة على المنتجات المماثلة، ما حقق زيادة الفرص لنفاذ صادرات البلدين إلى الأسواق المحلية والعالمية، وخاصة "الإسمنت" و"الحديد" و"عجائن البولي الإيثلين" والكثير من السلع الأخرى، كما أُعفيت المنتجات الزراعية من الرسوم الجمركية بنسب تتراوح ما بين 32 إلى 45%

كما منحت تركيا للجانب المصري تخفيضات على الرسوم الجمركية وحصصاً من الصادرات الزراعية المصنعة في تركيا بنسب مقاربة لما تم منحه لدول الاتحاد الأوروبي.

وبشكل عام يشمل التخفيض الجمركي القوائم التالية:

· المواد الخام

· السلع الوسيطة

· السلع تامة الصنع

· السيارات

وبدأت التخفيضات الجمركية بعد فترات متفاوتة من توقيع اتفاقية التجارة بين مصر وتركيا ولا زالت بعض السلع موعودة بالتخفيضات خلال السنوات القادمة.

إنشاء الصناعات التكاملية المشتركة

شجعت الاتفاقية على قيام الكثير من المشاريع ذات الطابع المشترك بين مصر وتركيا، والدول الأورومتوسطية، وخاصة في مجالات النسيج، ما ساهم كذلك في تعزيز القدرة التنافسية للصناعات التركية والمصرية عالمياً.

مستقبل التبادل التجاري بين تركيا ومصر

إنّ الاتفاقية التجارية بين البلدين كان من المفترض أن تجري إعادة تقييم لها في عام 2020 الماضي، ولكن بسبب الأزمة التي أحدثتها كورونا تأخر التقييم المتوقع لاتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا.

وفي ذات السياق لا توجد أي نوايا لدى البلدين لإلغاء الاتفاقية أو التقليل من الصلاحيات والمزايا الممنوحة لكلا البلدين ضمن بنود الاتفاقية.

وقد أثّرت بطبيعة الحال الخلافات والتوترات السياسية المتصاعدة منذ عام 2013، ولكن بانت بعض البوادر لحلحلة الوضع الدبلوماسي والسياسي بين البلدين خلال السنة الماضية، ويتوقع أن تصل العلاقات المصرية التركية إلى مستويات أفضل خلال السنوات القادمة.

وهذا الأمر سيساهم أيضاً برفع مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، وتطبيق المزيد من البنود المشجعة للاستثمار بينهما، وكذلك تقليل حدة التوتر والتنافس غير المبرر تجاه السلع التركية في مصر.

 

التجارة بين مصر وتركيا قطاع مهم وله مرتبته ومكانته في كلا البلدين، كما أنّه أعطى صورة مميزة لفصل الاقتصاد بين الدول الشقيقة عن الخلافات المرحلية والطارئة على الأصعدة السياسية، وهذه بحد ذاتها بشارة خير لمستقبل الاستثمارات المتبادلة ليس فقط بين تركيا ومصر فحسب، بل في جميع الاستثمارات بين دول المنطقة.